قصة ملک الروم


ملک الروم ( من مجموعه القصص العربیه الحکیمه )

کان الشعبی، ندیم الخلیفة عبد الملک بن مروان، کوفیا تابعیا جلیل القدر، وافر العلم.‏ ‏

حکى الشعبیّ قال: ‏ ‏ أنفذنی عبد الملک بن مروان إلى ملک الروم.
فلما وصلتُ إلیه جعل لا یسألنی عن شیء إلا أجبته.
وکانت الرسل لا تُطیل الإقامة عنده، غیر أنه استبقانی أیاماً کثیرة، حتى استحثثتُ خروجی.
فلما أردت الانصراف قال لی:‏ ‏ من أهل بیت الخلیفة أنت؟‏ ‏ قلت: لا، ولکنی رجل من عامة العرب.‏ ‏ فهمس لأصحابه بشیء، فدُفعتْ إلیّ رقعة، وقال لی:‏ ‏ إذا أدّیتَ الرسائل إلى الخلیفة فأوصلْ إلیه هذه الرقعة.‏
‏ فأدیت الرسائل عند وصولی إلى عبد الملک، ونسیت الرقعة.
فلما خرجت من قصره تذکّرتها، فرجعتُ فأوصلتُها إلیه.
فلما قرأها قال لی:‏ ‏ أقال لک شیئاً قبل أن یدفعها إلیک؟‏ ‏ قلت: نعم، قال لی: من أهل بیت الخلیفة أنت؟ قلت لا، ولکنی رجل من عامة العرب.‏ ‏
ثم خرجت من عند عبد الملک، فلما بلغتُ الباب ردّنی، فلما مثلت بین یدیه قال لی: أتدری ما فی الرقعة؟‏ ‏ قلت: لا.‏ ‏ قال: اقرأها.‏
‏ فقرأتها، فإذا فیها:‏ ‏ "عجبتُ من قوم فیهم مثل هذا کیف ملّکوا غیرَه!"‏ ‏ فقلت له:‏ ‏ والله لو علمتُ ما فیها ما حَمَلتُها، وإنما قال هذا لأنه لم یَرَک.‏
‏ قال عبد الملک: ‏ ‏ أفتدری لم کتبها؟‏ ‏ قلت: لا.‏
‏ قال: حسدنی علیک، وأراد أن یُغرینی بقتلک.‏ ‏
فلما بلغت القصة مسامع ملک الروم قال:‏ ‏ ما أردت إلا ما قال! ‏

قصة نکران الجمیل


یُحکى أن تاجراً عرفه الناس بقسوة القلب. وکان هذا التاجر یشتری عبداً کل عام لیعمل عنده سنة کاملة فقط، ثم یتخلص منه. لکن لیس بتسریحه وإطلاق العنان له لیبحث عن عمل آخر أو سید آخر، بل کان یرمیه لکلاب عنده، یکون قد منع عنهم الطعام أیاما معدودات، فتکون النهایة بالطبع لذاک العبد مؤلمة.  کان هذا التاجر یعتقد أن التخلص من خدمه بتلک الطریقة إنما هو طریقة للتخلص من مصدر ربما یکون قد عرف الکثیر من أموره وأسراره، فإن الخدم فی البیوت یطلعون على أمور کثیرة وأسرار عدَّة.  قام التاجر کعادته السنویة بشراء عبد جدید، وقد عُرف هذا الجدید بشیء من الذکاء. ومرت علیه الأیام فی خدمة سیده حتى دنا وقت التعذیب السنوی.. جمع التاجر أصحابه للاستمتاع بمشهد الکلاب وهی تنهش فی لحم العبد المسکین. وکان کعادته قد توقف عن إطعام الکلاب عدة أیام حتى تکون شرسة للغایة. . لکن هاله ما رأى.  ما إن دخلت الکلاب على العبد، حتى بدأت تدور حوله وتلعق عنقه فی هدوء ووداعة لفترة من الزمن ثم نامت عنده! احتار التاجر لمنظر کلابه الشرسة قد تحولت إلى حیوانات ودیعة رغم جوعها، فسأل العبد عن السر ، فقال له: یا سیدی لقد خدمتک سنة کاملة فألقیتنی للکلاب الجائعة، فیما أنا خدمت هذه الکلاب شهرین فقط، فکان منها ما رأیت!!    


::ومضة ::  إن نکران الجمیل أمر صعب على النفس البشریة ولا یمکن قبولها وتحدث من الألم النفسی الشیء الکثیر . الفطرة السلیمة والذوق السلیم عند أی إنسان أن من یقدم لک جمیلاً أن ترد بالمثل أو أجمل ، لا أن ننکر ه أو نرد بالأسوأ .

قصه قصیره ذات یوم کان هناک ثعلب یسیر

  ذات یوم کان هناک ثعلب یسیر فی الغابة فوقع نظره على عنقود من العنب المعلق على غصن الشجرة. فقال الثعلب لنفسه: "یا للروعة، هذا ما أحتاجه لأروی ظمئی." عاد الثعلب إلى الوراء بضعة خطوات ثم قفز ولکنه أخفق فی لمس العنب ولکنه کان وشیکاً من الحصول علیه. قرر الثعلب المحاولة من جدید فتراجع للوراء بضعة خطوات وحاول الوصول إلى العنب لکنه أخفق مرة أخرى. فی النهایة، یئس الثعلب واستسلم ثم قال لنفسه: "لا شک أن هذا العنب حامض بأیة حال،" ثم أکمل طریقه فی الغابة.


 الحکمة: من السهل احتقار ما لا یمکنک الحصول علیه.

قصه قصیره المتهاویــة

 قال عبد الملک بن عمیر:‏ ‏ کنت عند عبد الملک بن مروان بقصر الکوفة حین جیء برأس مـُصعب بن الزبیر فوُضع بین یدیه. رآنی قد ارتعت فقال لی:‏ ‏ مالک؟‏ ‏ فقلت:‏ ‏ أعیذک بالله یا أمیر المؤمنین، کنتُ بهذا القصر بهذا الموضع مع عبید الله بن زیاد فرأیتُ رأس الحسین بن علی بن أبی طالب بین یدیه، ثم کنت فی هذا المکان مع المختار بن أبی عبید الثقفی فرأیت رأس عبید الله بن زیاد بین یدیه، ثم کنت فیه مع مصعب بن الزبیر فرأیت رأس المختار فیه بین یدیه، ثم هذا رأس مصعب بن الزبیر بین یدیک!‏ ‏ فقام عبد الملک من موضعه، وأمر بهدم ذلک المکان الذی کنا فیه. ‏ من کتاب "شرح لامیة المعجم" للصفدی.

قصه قصیره وملک الروم

 کان الشعبی، ندیم الخلیفة عبد الملک بن مروان، کوفیا تابعیا جلیل القدر، وافر العلم.‏ ‏ حکى الشعبیّ قال: ‏ ‏ أنفذنی عبد الملک بن مروان إلى ملک الروم. فلما وصلتُ إلیه جعل لا یسألنی عن شیء إلا أجبته. وکانت الرسل لا تُطیل الإقامة عنده، غیر أنه استبقانی أیاماً کثیرة، حتى استحثثتُ خروجی. فلما أردت الانصراف قال لی:‏ ‏ من أهل بیت الخلیفة أنت؟‏ ‏ قلت: لا، ولکنی رجل من عامة العرب.‏ ‏ فهمس لأصحابه بشیء، فدُفعتْ إلیّ رقعة، وقال لی:‏ ‏ إذا أدّیتَ الرسائل إلى الخلیفة فأوصلْ إلیه هذه الرقعة.‏ ‏ فأدیت الرسائل عند وصولی إلى عبد الملک، ونسیت الرقعة. فلما خرجت من قصره تذکّرتها، فرجعتُ فأوصلتُها إلیه. فلما قرأها قال لی:‏ ‏ أقال لک شیئاً قبل أن یدفعها إلیک؟‏ ‏ قلت: نعم، قال لی: من أهل بیت الخلیفة أنت؟ قلت لا، ولکنی رجل من عامة العرب.‏ ‏ ثم خرجت من عند عبد الملک، فلما بلغتُ الباب ردّنی، فلما مثلت بین یدیه قال لی: أتدری ما فی الرقعة؟‏ ‏ قلت: لا.‏ ‏ قال: اقرأها.‏ ‏ فقرأتها، فإذا فیها:‏ ‏ "عجبتُ من قوم فیهم مثل هذا کیف ملّکوا غیرَه!"‏ ‏ فقلت له:‏ ‏ والله لو علمتُ ما فیها ما حَمَلتُها، وإنما قال هذا لأنه لم یَرَک.‏ ‏ قال عبد الملک: ‏ ‏ أفتدری لم کتبها؟‏ ‏ قلت: لا.‏ ‏ قال: حسدنی علیک، وأراد أن یُغرینی بقتلک.‏ ‏ فلما بلغت القصة مسامع ملک الروم قال:‏ ‏ ما أردت إلا ما قال! ‏ من کتاب "وفیات الأعیان" لابن خلکان.

قصه قصیره الشــمعة

 وفد على الخلیفة عمر بن عبد العزیز رسولٌ من بعض الآفاق. فلما دخل دعا عمرُ بشمعة غلیظة فأُوقدت. وکان الوقت لیلاً. وجعل عمر یسأله عن حال أهل البلد، وکیف سیرة العامل، وکیف الأسعار، وکیف أبناء المهاجرین والأنصار، وأبناء السبیل والفقراء، فأنبأه الرسول بجمیع ما عَلِمَ من أمر تلک المملکة. فلما فَرَغَ عمر من مسألته، قال الرسول له: ‏ ‏ یا أمیر المؤمنین کیف حالُک فی نفسک وبَدَنک، وکیف عیالک؟ ‏ ‏ فنفخ عمر الشمعة فأطفأها، وقال: ‏‏ یا غلام، عَلَیّ بسراج. فأتى بفتیلة لا تکاد تضیء فعجب الرسول لإطفائه الشمعة وقال: ‏ ‏ یا أمیر المؤمنین، فعلتَ أمرًا حیّرنی. ‏ ‏ قال: وما هو؟ ‏ ‏ قال: إطفاؤک الشمعة عند مسألتی إیاک عن حالک؟ ‏ ‏ قال: الشمعة التی أطفأتُها هی من مال الله ومال المسلمین، وکنت أسألک عن أمرهم وحوائجهم وهی موقدة، فلما صرتَ لشأنی وأمر عیالی أطفأتُ نار المسلمین! ‏ من کتاب "سیرة عمر بن عبد العزیز" لعبد الله بن عبد الحکم.

قصه قصیره الصـوم والحـر

کان الحجاج بن یوسف الثقفی، على ما به من صلف وتجبر وحب لسفک الدماء، جواداً کریماً، لا تخلو موائده کل یوم من الآکلین، وکان یرسل إلى مستطعمیه الرسل، ولما شق علیه ذلک، قال لهم: رسولی إلیکم الشمس إذا طلعت، فاحضروا للفطور، وإذا غربت، فاحضروا للعشاء.‏ ‏ وحدث أن خرج یوماً للصید، وکان معه أعوانه وحاشیته، ولما حضر غداؤه، قال لأصحابه، التمسوا من یأکل معنا، فتفرقوا کل إلى جهة، فلم یجدوا إلا أعرابیاً، فأتوا به، فقال له الحجاج: هلم یا أعرابی فَکُلْ، قال الأعرابی: لقد دعانی من هو أکرم منک فأجبته، قال الحجاج: ومن هو؟ قال الأعرابی: الله سبحانه وتعالى، دعانی إلى الصوم فأنا صائم.‏ ‏ قال الحجاج: صوم فی مثل هذا الیوم على حره؟ قال الأعرابی: صمتُ لیوم هو أحرُّ منه، قال الحجاج: فأفطر الیوم وصم غداً، فقال الأعرابی: أَوَیضمن لی الأمیر أن أعیش إلى غد؟ قال الحجاج: لیس لی إلى ذلک سبیل. قال الأعرابی: فکیف تطلب منی عاجلاً بآجل لیس إلیه سبیل؟‏ ‏ قال الحجاج: إنه طعام طیب. قال الأعرابی: والله ما طیَّبه خبازک ولا طباخک، ولکن طیبته العافیة.‏ ‏ قال الحجاج: أبعدوه عنی.

قصه قصیره العتابـی والبقـر

 قال عمر الورّاق:‏ ‏رأیتُ کلثوم بن عمرو العتّابی الشاعر یأکل خبزاً على الطریق بباب الشام. فقلت له:‏ ویحک! أما تستحی من الناس؟‏ ‏ فقال:‏ ‏ أرأیت لو کنا فی مکان فیه بقر، أکنت تحتشم أن تأکل والبقر یراک؟‏ ‏ فقلت: لا.‏ ‏ فقال:‏ ‏ فاصبر حتى أریکَ أن هؤلاء الناس بقر.‏ ثم قام فوعظ وقصّ ودعا حتى کثر الزحام علیه، فقال لهم:‏ ‏ رُوی لنا من غیر وجه أنه من بَلَغَ لسانُه أرنبةَ أنفه لم یدخل النار!‏ ‏ فما بقى أحد منهم إلا أخرج لسانه نحو أرنبة أنفه لیرى هل یبلغها أولاً. فلما تفرقوا قال لی العتابی:‏ ‏ ألم أخبرک أنهم بقر؟‏ من کتاب "فوات الوفیات" لابن شاکر الکتبی.

مِن القِصَصِ العَرَبِیةِ القَدِیمَةِ : اَۘلسَّعَادَةُ اۘلْمَفْقُودَةُ

بقلم Andry
یُحْکَى أَنَّ رَجُلاً غَنِیّاً کَانَ عَلىَ قَدْرٍ کَبَِیرٍ مِنْ اَلثَّرَاءِ ، وَکَانَ فِی أَکْثَرِ أَوْقَاتِهِ مَشْغُولاً فِی إِدَارَةِ أَعْمَالِهِ وَشُؤُونِهِ اۘلْمَالِیَّةِ ، وَلاَ یَجِدُ اۘلْوَقْتَ اۘلْکَافِی لِلْجُلُوسِ مَعَ زَوْجَتِهِ وَعَائِلَتِهِ جَلَسَاتٍ فِیهَا شَیْءٌ مِنْ اَلرَّاحَةِ وَهُدُوءِ اۘلْبَالِ.
وَکَانَ لَهُ جَارٌ فَقِیرُ اۘلْحَالِ لاَ یَکَادُ یَجِدُ قُوتَ یَوْمِهِ ، وَلَکِنَّهُ کَانَ سَعِیداً فِی حَیَاتِهِ ، وَفِی کُلِّ یَوْمٍ کَانَ یَجْلِسُ اۘلسَّاعَاتِ اۘلطِّوَالَ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَفْرَادِ عَائِلَتِهِ .
وَکَانَتْ زَوْجَةُ اۘلرَّجُلِ اۘلْغَنِیِّ تَرَى هَذِهِ اۘلْعَائِلَةَ اۘلْفَقِیرَةَ وَتَحْسُدُهُمْ عَلىَ تِلْکَ اۘلسَّعَادَةِ اۘلَّتِی تَفْتَقِدُهَا ، وَهِیَ اَلثَّرِیَّةُ اۘلْغَنِیَّةُ ، وَیَتَمَتَّعُ بِهَا هَؤُلاَءِ اۘلْفُقَرَاءُ اۘلَّذِینَ لاَ یَمْلُکُونَ شَیْئاً.
وَتَحَدَّثَتْ ذَاتَ یَوْمٍ مَعَ زَوْجِهَا وَقَالَتْ لَهُ : یَا رَجُلُ مَاذَا تَنْفَعُنَا هَذِهِ اۘلأَمْوَالُ اۘلْکَثِیرَةُ وَنَحْنُ لاَ نَجِدُ طَعْماً لِلسَّعَادَةِ ، وَلاَ یَکَادُ اۘلْوَاحِدُ مِنَّا یَرَى اۘلآخَرَ ، بَیْنَمَا هَذِهِ اۘلْعَائِلَةُ اۘلْفَقِیرَةُ اۘلَّتِی تَعِیشُ بِجِوَارِنَا لاَ یَهُمُّهَا مِنْ أُمُورِ اۘلدُّنْیَا شَیْءٌ ، وَهُمْ فِی غَایَةِ اۘلسَّعَادَةِ وَاۘلْهَنَاءِ .
وَفَکَّرَ اۘلرَّجُلُ اۘلْغَنِیُّ هُنَیْهَةً ثُمَّ وَعَدَ زَوْجَتَهُ ِبأَنْ یَتَفَرَّغَ لَهُمْ ، وَبِأَنْ یُخَصِّصَ بَعَضاً مِنْ وَقْتِهِ لِیَقْضِیَهُ مَعَهُمْ فیِ جَلَسَاتٍ هَادِئَةٍ هَانِئَةٍ.
وَفیِ اۘلْیَوْمِ اۘلتَّالیِ أَرْسَلَ اۘلرَّجُلُ اۘلْغَنِیُّ مَنْ یَدْعُو إِلَیْهِ جَارَهُ اۘلْفَقِیرَ ، وَاۘسْتَغْرَبَ اۘلرَّجُلُ اۘلْفَقِیرُ تِلْکَ اۘلدَّعْوَةَ ، فَلَیْسَ مِنْ عَادَةِ ذَلِکَ اۘلرَّجُلِ أَنْ یَدْعُوَهُ ، أَوْ حَتَّى یَشْعُرُ بِهِ، فَذَهَبَ إِلَیْهِ وَعِنْدَمَا وَصَلَ اِسْتَقْبَلَهُ اۘلرَّجُلُ اۘلْغَنِیُّ بِلُطْفٍ وَأَکْرَمَهُ وَتَحَدَّثَ مَعَهُ بِهُدُوءٍ وَقَالَ لَهُ : أَرَاکَ یَا أَخِی تَجْلِسُ کُلَّ یَوْمِکَ فیِ اۘلْبَیْتِ ، أَلاَ تَجِدُ عَمَلاً تَعْمَلُ بِهِ.
فَقَالَ اۘلرَّجُلُ اۘلْفَقِیرُ : وَاۘللهِ یَا أَخِی لَیْسَ عِنْدِی مَا أَعْمَلُ بِهِ ، فَأَقْضِی لِذَلِکَ کُلَّ وَقْتِی فیِ اۘلْبَیْتِ.
فَقَالَ لَهُ اۘلْغَنِیُّ : مَا رَأْیُکَ لَوْ أَعْطَیْتُکَ بَعَضَ اۘلْمَالِ کَرَأَسْمَالٍ تَشْتَرِی بِهِ بَیْضاً وَتَبِیعُهُ کُلَّ یَوْمٍ وَتَرْبَحُ مِنْهُ ، وَبِذَلِکَ تَعْمَلُ وَتُطْعِمُ عِیَالَکَ ، وَلاَ تَرْجِعْ لیِ مَالیِ إِلاَّ بَعَدَ أَنْ تَتَحَسَّنَ أَحْوَالُکَ ، وَیُصْبِحَ لَدَیْکَ رَأَسْمَالٌ کَافٍ تَعْمَلُ بِهِ .
وَافَقَ اۘلرَّجُلُ اۘلْفَقِیرُ وَوَجَدَهَا فُرْصَةً سَانِحَةً لِیَعْمَلَ وَیَرْتَزِقَ وَیُطْعِمَ عِیَالَهُ بِکَرَامَةٍ ، وَأَخَذَ اۘلْمَالَ مِنْ اَلرَّجُلِ اۘلْغَنِیِّ ، وَعَادَ أَدْرَاجَهُ .
وَفیِ اۘلصَّبَاحِ ذَهَبَ إِلىَ اۘلسُّوقِ وَاۘشْتَرَى بَیْضاً وَأَخَذَ یَبِیعُ وَیَشْتَرِی ، وَکَانَ فیِ سَاعَاتِ اۘلْفَرَاغِ بَدَلَ أَنْ یَجْلِسَ مَعَ أَفْرَادِ عَائِلَتِهِ ، یَأْخُذُ فیِ تَصْنِیفِ تِلْکَ اۘلْبُیُوضِ فَیَضَعُ اۘلْکَبِیرَةَ فیِ جِهَةٍ ، وَیَضَـعُ اۘلصَّغِیرَةَ فِی جِهَةٍ أُخْـَرى ، حَتىَّ یَبِیعَ کُلَّ صِنْفٍ مِنْهَا بِسِعْرٍ.
وَبَعَدَ عِدَّةِ أَیَّامٍ نَظَرَ اۘلرَّجُلُ اۘلْغَنِیُّ مِنْ شُرْفَةِ مَنْزِلِهِ إِلىَ جَارِهِ اۘلْفَقِیرِ فَوَجَدَهُ مَشْغُولاً فیِ عَدِّ بُیُوضِهِ وَتَصْنِیفِهَا ، فَاۘبْتَسَمَ اۘبْتِسَامَةً عَرِیضَةً یَمَلَؤُهَا اۘلْخُبْثُ وَاۘلدَّهَاءُ . وَقَالَ لِزَوْجَتِهِ : أَهَذَا هُوَ اۘلرَّجُلُ اۘلَّذِی تَقُولِینَ إِنَّهُ یَقْضِی کُلَّ أَوْقَاتِهِ مَعَ زَوْجَتِـهِ وَأَوْلاَدِهِ، اُنْظُرِی إِلَیْهِ مَاذَا یَفْعَلُ اۘلآنَ.
وَنَظَرَتِ اۘلْمَرْأَةُ فَرَأَتْ ذَلِکَ اۘلرَّجُلَ مَشْغُولاً عَلَى تِلْکَ اۘلْحَالَةِ ، فَتَعَجَّبَتْ لِتَغَیُّرِ أَحْوَالِهِ ، وَلَکِنَّهَا لَمْ تَعْرِفْ اَلسَّبَبَ اۘلَّذِی سَلَبَ مِنْهُ تِلْکَ اۘلسَّعَادَةَ اۘلَّتِی کَانَتْ تَحْسُدُهُ عَلَیْهَا . بَیْنَمَا کَانَ زَوْجُهَا یُشِیحُ بِوَجْهِهِ وَیُحَدِّقُ فیِ اۘلْفَرَاغِ لِیُخْفِیَ اۘبْتِسَامَةً خَبِیثَةً کَانَتْ تَرْتَسِمُ عَلىَ شَفَتَیْهِ.

قصة الملک الذکی والرسام الحکیم


فی یوم من الایام الملک اصدر قرارا بتقدیم جائزة کبیرة للرّسام
الذی یرسم للملک أجمل صورة توضع فی متحف صور الملوک
فجاء الرسام الأول ورسم صورة جمیلة للملک
رغم أن الملک کان
أعورا فقط بعین واحدة
ورجل قصیرة تجعله شدید العرج
فقال الملک یا هذا
هل هذه الصورة صورتی
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إنک منافق وکاذب
فأمر بعقابه ووضعه فی السجن
*****
الرسام الثانی قال فی نفسه
الملک لا یحب المنافقین
علیّ أن أرسم الحقیقة کاملة
فرسم الملک کما هو بعوره
ورجله العرجاء وقدمها للملک
لیحوز على رضاه
فما کان من الملک
إلا أن وبخه على هذه الصورة
وقال أترید أن تفضحنی
وکان مصیره مصیر الرسام الأول!!!!!!!
فجمع الرسامین وأکد على طلبه
صورة جمیلة له توضع فی متحف صور الملوک
والناس تشیر إلى الصورة الجمیلة وتقول
هذه الصورة الجمیلة
صورة الملک الأعور !!!
هذه الصورة الجمیلة
صورة الملک الأعرج !!!
رفض الرسامون رسم صورة الملک الأعور الأعرج
خوفا من عقابه
وخصوصا هذا الملک
لم یعجبه المنافق ولا الصادق
!!!!!!!!
فکان من بین الرسامین رجل حکیم
فرسم للملک صورة جانبیة
تظهر عینه السلیمة ورجله الصحیحة
..
نعم أعجب بها الملک
وقال ولکنها لن تفوز
بأجمل صورة فی المتحف
لأنها لم تظهر الإ نصف الحقیقة
ففطن الرسام إلى ما یقصد هذا الملک الذکی !!
فتخیل
الملک یرکب على فرس
ویحمل القوس ویصوب نحو غزال
وهو یغمض العین الکریمة ویحدق بالعین السلیمة
وتختفی رجله القصیرة وتظهر الرجل السلیمة فی رکاب سرج
الفرس وأمامه الصید الثمین غزال البریة
ونفذ الرسم بکل مهارة وإبداع
وقدمها إلى الملک
نعم صاح الملک ومن حضر مجلسه
هذه صورة جمیلة
وستکون من أجمل صور متحف الملوک
وهکذا
فاز الرسام الحکیم بالحکایة التاریخیة
وبأجمل لوحة فی متحف صور الملوک
وفاز بالجائزة الملکیة
دون إخفاء للحقیقة أو نفاق!!!
وتبقى صورة جمیلة یشار لها بالبنان
صورة الملک الأعور الأعرج
هذه هی الصورة الجمیلة
****
نفکر ندرس نکتب نرسم
وکل أدبیاتنا
معاملاتنا ومعاشراتنا
وعلاقاتنا هل هی
فی لوحة فنیة
بمضامین إنسانیة
وأشکال رائعة

فهل من الممکن
أن نفکر بطریقة هذا الملک الذکی
؟؟؟؟؟ ونعرض الصورة ببراعة هذا الرسام الحکیم ؟؟؟؟؟