یُحْکَى
أَنَّ رَجُلاً غَنِیّاً کَانَ عَلىَ قَدْرٍ کَبَِیرٍ مِنْ اَلثَّرَاءِ ،
وَکَانَ فِی أَکْثَرِ أَوْقَاتِهِ مَشْغُولاً فِی إِدَارَةِ أَعْمَالِهِ
وَشُؤُونِهِ اۘلْمَالِیَّةِ ، وَلاَ یَجِدُ اۘلْوَقْتَ اۘلْکَافِی
لِلْجُلُوسِ مَعَ زَوْجَتِهِ وَعَائِلَتِهِ جَلَسَاتٍ فِیهَا شَیْءٌ مِنْ
اَلرَّاحَةِ وَهُدُوءِ اۘلْبَالِ.
وَکَانَ
لَهُ جَارٌ فَقِیرُ اۘلْحَالِ لاَ یَکَادُ یَجِدُ قُوتَ یَوْمِهِ ،
وَلَکِنَّهُ کَانَ سَعِیداً فِی حَیَاتِهِ ، وَفِی کُلِّ یَوْمٍ کَانَ
یَجْلِسُ اۘلسَّاعَاتِ اۘلطِّوَالَ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَفْرَادِ
عَائِلَتِهِ .
وَکَانَتْ زَوْجَةُ
اۘلرَّجُلِ اۘلْغَنِیِّ تَرَى هَذِهِ اۘلْعَائِلَةَ اۘلْفَقِیرَةَ
وَتَحْسُدُهُمْ عَلىَ تِلْکَ اۘلسَّعَادَةِ اۘلَّتِی تَفْتَقِدُهَا ،
وَهِیَ اَلثَّرِیَّةُ اۘلْغَنِیَّةُ ، وَیَتَمَتَّعُ بِهَا هَؤُلاَءِ
اۘلْفُقَرَاءُ اۘلَّذِینَ لاَ یَمْلُکُونَ شَیْئاً.
وَتَحَدَّثَتْ
ذَاتَ یَوْمٍ مَعَ زَوْجِهَا وَقَالَتْ لَهُ : یَا رَجُلُ مَاذَا
تَنْفَعُنَا هَذِهِ اۘلأَمْوَالُ اۘلْکَثِیرَةُ وَنَحْنُ لاَ نَجِدُ
طَعْماً لِلسَّعَادَةِ ، وَلاَ یَکَادُ اۘلْوَاحِدُ مِنَّا یَرَى اۘلآخَرَ ،
بَیْنَمَا هَذِهِ اۘلْعَائِلَةُ اۘلْفَقِیرَةُ اۘلَّتِی تَعِیشُ
بِجِوَارِنَا لاَ یَهُمُّهَا مِنْ أُمُورِ اۘلدُّنْیَا شَیْءٌ ، وَهُمْ فِی
غَایَةِ اۘلسَّعَادَةِ وَاۘلْهَنَاءِ .
وَفَکَّرَ
اۘلرَّجُلُ اۘلْغَنِیُّ هُنَیْهَةً ثُمَّ وَعَدَ زَوْجَتَهُ ِبأَنْ
یَتَفَرَّغَ لَهُمْ ، وَبِأَنْ یُخَصِّصَ بَعَضاً مِنْ وَقْتِهِ
لِیَقْضِیَهُ مَعَهُمْ فیِ جَلَسَاتٍ هَادِئَةٍ هَانِئَةٍ.
وَفیِ
اۘلْیَوْمِ اۘلتَّالیِ أَرْسَلَ اۘلرَّجُلُ اۘلْغَنِیُّ مَنْ یَدْعُو
إِلَیْهِ جَارَهُ اۘلْفَقِیرَ ، وَاۘسْتَغْرَبَ اۘلرَّجُلُ اۘلْفَقِیرُ
تِلْکَ اۘلدَّعْوَةَ ، فَلَیْسَ مِنْ عَادَةِ ذَلِکَ اۘلرَّجُلِ أَنْ
یَدْعُوَهُ ، أَوْ حَتَّى یَشْعُرُ بِهِ، فَذَهَبَ إِلَیْهِ وَعِنْدَمَا
وَصَلَ اِسْتَقْبَلَهُ اۘلرَّجُلُ اۘلْغَنِیُّ بِلُطْفٍ وَأَکْرَمَهُ
وَتَحَدَّثَ مَعَهُ بِهُدُوءٍ وَقَالَ لَهُ : أَرَاکَ یَا أَخِی تَجْلِسُ
کُلَّ یَوْمِکَ فیِ اۘلْبَیْتِ ، أَلاَ تَجِدُ عَمَلاً تَعْمَلُ بِهِ.
فَقَالَ
اۘلرَّجُلُ اۘلْفَقِیرُ : وَاۘللهِ یَا أَخِی لَیْسَ عِنْدِی مَا أَعْمَلُ
بِهِ ، فَأَقْضِی لِذَلِکَ کُلَّ وَقْتِی فیِ اۘلْبَیْتِ.
فَقَالَ
لَهُ اۘلْغَنِیُّ : مَا رَأْیُکَ لَوْ أَعْطَیْتُکَ بَعَضَ اۘلْمَالِ
کَرَأَسْمَالٍ تَشْتَرِی بِهِ بَیْضاً وَتَبِیعُهُ کُلَّ یَوْمٍ وَتَرْبَحُ
مِنْهُ ، وَبِذَلِکَ تَعْمَلُ وَتُطْعِمُ عِیَالَکَ ، وَلاَ تَرْجِعْ لیِ
مَالیِ إِلاَّ بَعَدَ أَنْ تَتَحَسَّنَ أَحْوَالُکَ ، وَیُصْبِحَ لَدَیْکَ
رَأَسْمَالٌ کَافٍ تَعْمَلُ بِهِ .
وَافَقَ
اۘلرَّجُلُ اۘلْفَقِیرُ وَوَجَدَهَا فُرْصَةً سَانِحَةً لِیَعْمَلَ
وَیَرْتَزِقَ وَیُطْعِمَ عِیَالَهُ بِکَرَامَةٍ ، وَأَخَذَ اۘلْمَالَ مِنْ
اَلرَّجُلِ اۘلْغَنِیِّ ، وَعَادَ أَدْرَاجَهُ .
وَفیِ
اۘلصَّبَاحِ ذَهَبَ إِلىَ اۘلسُّوقِ وَاۘشْتَرَى بَیْضاً وَأَخَذَ یَبِیعُ
وَیَشْتَرِی ، وَکَانَ فیِ سَاعَاتِ اۘلْفَرَاغِ بَدَلَ أَنْ یَجْلِسَ
مَعَ أَفْرَادِ عَائِلَتِهِ ، یَأْخُذُ فیِ تَصْنِیفِ تِلْکَ اۘلْبُیُوضِ
فَیَضَعُ اۘلْکَبِیرَةَ فیِ جِهَةٍ ، وَیَضَـعُ اۘلصَّغِیرَةَ فِی جِهَةٍ
أُخْـَرى ، حَتىَّ یَبِیعَ کُلَّ صِنْفٍ مِنْهَا بِسِعْرٍ.
وَبَعَدَ
عِدَّةِ أَیَّامٍ نَظَرَ اۘلرَّجُلُ اۘلْغَنِیُّ مِنْ شُرْفَةِ مَنْزِلِهِ
إِلىَ جَارِهِ اۘلْفَقِیرِ فَوَجَدَهُ مَشْغُولاً فیِ عَدِّ بُیُوضِهِ
وَتَصْنِیفِهَا ، فَاۘبْتَسَمَ اۘبْتِسَامَةً عَرِیضَةً یَمَلَؤُهَا
اۘلْخُبْثُ وَاۘلدَّهَاءُ . وَقَالَ لِزَوْجَتِهِ : أَهَذَا هُوَ
اۘلرَّجُلُ اۘلَّذِی تَقُولِینَ إِنَّهُ یَقْضِی کُلَّ أَوْقَاتِهِ مَعَ
زَوْجَتِـهِ وَأَوْلاَدِهِ، اُنْظُرِی إِلَیْهِ مَاذَا یَفْعَلُ اۘلآنَ.
وَنَظَرَتِ
اۘلْمَرْأَةُ فَرَأَتْ ذَلِکَ اۘلرَّجُلَ مَشْغُولاً عَلَى تِلْکَ
اۘلْحَالَةِ ، فَتَعَجَّبَتْ لِتَغَیُّرِ أَحْوَالِهِ ، وَلَکِنَّهَا لَمْ
تَعْرِفْ اَلسَّبَبَ اۘلَّذِی سَلَبَ مِنْهُ تِلْکَ اۘلسَّعَادَةَ اۘلَّتِی
کَانَتْ تَحْسُدُهُ عَلَیْهَا . بَیْنَمَا کَانَ زَوْجُهَا یُشِیحُ
بِوَجْهِهِ وَیُحَدِّقُ فیِ اۘلْفَرَاغِ لِیُخْفِیَ اۘبْتِسَامَةً
خَبِیثَةً کَانَتْ تَرْتَسِمُ عَلىَ شَفَتَیْهِ.
جدا جدا جدا جمیل
روووووووعه
مرونا ننتظر تعلیقکم الرائع ویسعدنی مرورکم